فتاة من بيت الكرماء ،يملأ وجهها الحياء ، من بلد العلم و العلماء ، تتمتع بالذكاء ، و الجمال و البهاء ، و الطيبة و الصفاء ، و تجيد الكلام و الغناء ، مثل الببغاء ، و تحب اللعب مع الأصدقاء ، كبارا أو صغارا أو قرناء ، هي فتاة صغيرة تتميز بالدهاء ، و لكنها كبرت و صارت من النساء ، ووجب عليها أن تضع الغطاء ، في نظرنا كانت صغيرة ، و لم نرد أن نراها كبيرة ، ففي البيت كانت أميرة ، شقية و للمشاكل مثيرة ، و خارج البيت كانت منيرة ، تنشر السعادة و تجيد التفكير، بلغت سن الحجاب سريعا، بالأمس كانت حملا وديعا ، و اليوم حصنا منيعا ، عاليا و رفيعا، ..لم تصدق أنها ستضع الخمار ، و يكون عليها ستار ، يبعد عنها الأنظار ، و يصنفها في الكبار ،.. في البداية كانت سعيدة ، و لوضعه جدا مُريدة، و إليه تهفو برغبة شديدة ، و لكنها تذكرت الأصدقاء ، و اللعب في الفناء ، و مشاكسة الصبيان الأشقياء ، لم ترد أن تفارق جو المرح و البهاء ، فكرت في أن تودعهم ، و بأحسن الذكريات أن تتركهم ،و خرجت في ذلك المساء ، و لعبت مع كل الأصدقاء ، و شاكست كل الأشقياء ، و صافحت كل الحي و الجيران الأوفياء ، الصغار و البلغاء و السفهاء ، الدهات منهم و الأغبياء ، ودعتهم و في عينيها أمل اللقاء ، و لكن بصورة امرأة من النساء ، أحسوا بنوع من التغير في طبعها و اعتبروه إطراء ، و في اليوم الموالي خرجت على استحياء ، و على ثقة و التوفيق جُلّ الرجاء ، أن تعتاد هذا الغطاء ، و كان كل من ينظر إليها يفرح و يجهش بالبكاء ، فرحا بها و بتطبيقها للشريعة السمحاء، مرّت على أصحابها في الفناء ، أشاروا إليها من بعيد كأنهم غرباء،لم تسمع إلا وشاوش أو استصغاء ، و لكن نظروا إليها جميعا بإحترام و نية نقاء ، لم يبدو عليهم الاستياء ، و هنأتها جاراتها من النساء ، فقد ازدادت جمالا و بهاء ، فلم يبق لها إلا الحفاظ على سمعة هذا الكساء ، و التعود على طاعة رب السماء. محمد توفيق صابر
بمناسبة تحجب أختي الصغيرة صابرينة
الجزائر 28/07/2007